تقرير خاص – آب 2025
بعد انتصار الثورة السورية في ديسمبر 2024 وسقوط النظام البائد الذي استمر لأكثر من خمسة عقود، دخلت سوريا مرحلة جديدة من التحول السياسي والاقتصادي، فتحت معها أبواباً واسعة أمام فرص استثمارية جديدة، وعلى رأسها الاستثمار العقاري. ومع بدء عودة اللاجئين واستئناف النشاط المدني تدريجيًا، يتجه أنظار المستثمرين المحليين والدوليين نحو هذا القطاع الذي يُعد من أكثر القطاعات حساسية وتأثراً بالتحولات الكبرى.
أولاً: السياق العام – ما بعد الثورة
أدت الحرب الطويلة إلى تدمير نحو 1.5 مليون وحدة سكنية بحسب تقديرات الخبراء، مع أضرار كارثية في المدن الرئيسية مثل حلب، الغوطة، حمص، الرقة، ودير الزور. وأكدت دراسة صادرة عن معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث أن عدد المباني المتضررة حتى عام 2019 بلغ 36 ألفًا في حلب وحدها، و35 ألفًا في الغوطة الشرقية. وتُقدر كلفة إعادة الإعمار بنحو 400 مليار إلى تريليون دولار، مما يجعل قطاع الإسكان أحد أبرز الأولويات في المرحلة القادمة.
ثانياً: ديناميكيات سوق الإيجار – ارتفاع مطّرد وسط عودة الأهالي
مع بداية عام 2025، برز سوق الإيجار بوصفه الأكثر نشاطًا، مدفوعًا بعودة عشرات الآلاف من السوريين من الخارج لزيارة أو استكشاف إمكانية العودة. بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور حسن حزوري، فإن الإيجارات ستواصل ارتفاعها خلال الربيع والصيف، متأثرة بازدياد الطلب وشح المعروض.
“الإيجارات سترتفع لا محالة، والحكومة الانتقالية ستعمد إلى تحرير أسعارها بعد تجميد القرارات المجحفة التي كانت تحدد سقوفًا منخفضة بشكل غير واقعي.”
— د. حسن حزوري، أستاذ الاقتصاد بجامعة حلب
في جولة على بعض مكاتب الوساطة العقارية في دمشق، أكد وسطاء أن الإقبال على الشقق المفروشة تجاوز أي وقت مضى. فبحسب مالك احد المكاتب العقارية في منطقة الطلياني، فإن الأسعار تبدأ من 850 ألف ليرة سورية لغرفة صغيرة في حي شعبي، وتصل إلى 4.5 مليون ليرة لشقة مفروشة متوسطة.
أما في منطقة المزة الراقية، فتبدأ الإيجارات الشهرية من 5 ملايين ليرة وقد تصل إلى 7 ملايين على الأوتستراد الرئيسي. وفي قدسيا بريف دمشق، تتراوح الإيجارات غير المفروشة بين 2 إلى 3 ملايين ليرة، والمفروشة بين 3 إلى 4 ملايين حسب نوع الأثاث وجودة الإكساء.
ثالثًا: مبيعات العقارات – ركود نسبي وفرص كامنة
في المقابل، لا تزال حركة البيع والشراء العقاري محدودة نسبيًا، ويعود ذلك لعدة عوامل:
- تعقيدات قانونية مرتبطة بنقل الملكيات والأراضي.
- ضعف القدرة الشرائية العامة.
- ترقب المستثمرين لتبلور المشهد السياسي والاقتصادي بشكل نهائي.
- استقرار مؤقت لسعر صرف الليرة السورية دون تراجع جوهري في أسعار مواد البناء.
مع ذلك، يرى بعض الخبراء مثل الدكتور عمار يوسف أن الوضع الحالي يحمل فرصًا حقيقية:
“الوضع العقاري في سوريا مظلم حاليًا، لكنه قد يتحول إلى مشهد واعد إن بدأت شركات عالمية بإعادة الإعمار والبنية التحتية.”
— د. عمار يوسف، خبير عقاري
وأكد أن هناك احتياجًا إسعافيًا لا يقل عن مليوني وحدة سكنية في الوقت الحالي، في حين أن المعروض أقل بكثير، ما يفتح الباب أمام مشاريع بناء واسعة النطاق.
رابعًا: فرص إعادة الإعمار – دمار يتحول إلى فرصة
يرى رجل الأعمال فيصل العطري أن الدمار الحاصل، رغم قسوته، يمثل “فرصة لإعادة البناء بشكل علمي وصحيح”. فبدلاً من إعادة بناء أبنية سكنية قديمة بثلاثة طوابق، يمكن إقامة مجمعات حديثة بارتفاعات تصل إلى 32 طابقًا، تتضمن مواقف سيارات، مساحات خضراء، حلولًا للطاقة والتدفئة، ونظم أمنية، وهو ما يمكن أن يحول مناطق مدمرة إلى أحياء ذكية.
أهم العوامل التي قد تُنعش السوق في المرحلة المقبلة:
- تحرير القطاع من الاحتكار السابق لمواد البناء.
- دخول شركات تطوير عقاري من تركيا والخليج وأوروبا.
- توفر وسائل تمويل مصرفي جديدة بموجب قروض طويلة الأجل.
- إعادة تدوير الأنقاض لتقليل تكاليف البناء بنسبة تصل إلى 30%.
خامسًا: الاستثمار العقاري لغير السوريين ؟
بعد سقوط النظام البائد، أعادت الحكومة الانتقالية تنظيم القوانين الخاصة بملكية غير السوريين، مما سمح للأفراد والشركات الأجنبية بامتلاك العقارات والاستثمار المباشر، ضمن ضوابط قانونية واضحة.
بحسب دليل الاستثمار الصادر عن شركة الزعتري والأفيوني، فإن الاستثمار العقاري في سوريا يعتبر الآن من أفضل أشكال الاستثمار، خاصة في دمشق وريفها، وكذلك في حلب، التي تشهد حاليًا طفرة في أسعار الأراضي والعقارات التجارية.
أهم المناطق الموصى بها:
- دمشق: منطقة تجارية مركزية، تحتضن مشاريع تطوير كبرى، وأسعار العقارات ارتفعت بنسبة تفوق 50% خلال 2024.
- ريف دمشق: خاصة المناطق المرتبطة مباشرة بالبنى التحتية الجديدة والطرق السريعة.
- حلب: عادت إلى دائرة الضوء بعد افتتاح الطريق التجاري مع تركيا (غازي عينتاب – حلب)، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتراجع المعروض.
سادسًا: كيف يستثمر غير السوريين بذكاء؟
من أجل تحقيق أفضل العوائد، يجب على المستثمرين اتباع الخطوات التالية:
- إجراء دراسات جدوى دقيقة حسب المنطقة المستهدفة.
- التحالف مع وكلاء محليين ومكاتب قانونية لتسهيل الإجراءات والتسجيل.
- تجنب شراء العقارات المنهوبة أو المتنازع عليها قانونيًا.
- الاستثمار في الترميم والتأجير قصير الأجل (مثلاً Airbnb) في دمشق، حلب، اللاذقية.
- الاستفادة من صناديق الاستثمار العقاري التي تتيح توزيع المخاطر والدخول في مشاريع جماعية بإدارة احترافية.
سابعًا: هل تستحق سوريا المخاطرة؟ التحديات والفرص
رغم التغيرات الإيجابية، ما زالت هناك تحديات واضحة:
- غياب الاستقرار السياسي الكامل في بعض المناطق.
- ضعف الخدمات الأساسية (مياه، كهرباء، إنترنت).
- نقص التمويل المصرفي المحلي وعدم وجود نظام ضمان عقاري فعال.
- آثار العقوبات الدولية التي تحد من سرعة تدفق الاستثمارات الأجنبية.
لكن في المقابل، فإن حجم الاحتياج الهائل، والانفتاح الحاصل بعد الثورة، وعودة المغتربين، واستقرار سعر صرف الليرة نسبيًا، كلها عوامل تجعل الاستثمار في سوريا خلال هذه المرحلة فرصة استثنائية – لمن يملك الصبر والرؤية طويلة الأجل.
توصيات
الاستثمار العقاري في سوريا عام 2025 لا يزال في مراحله الأولية، لكنه محاط بفرص كبرى. من المرجح أن يشهد هذا السوق تحولات هيكلية مدفوعة بعمليات إعادة الإعمار، تحسن بيئة الأعمال، وعودة رأس المال المحلي والمغترب.
ينصح المستثمرون غير السوريين بالتالي:
- التحرك المبكر لاقتناص الأراضي والعقارات قبل ارتفاع الأسعار.
- تجنب المناطق غير الآمنة أو التي تشهد نزاعات قانونية على الملكية.
- استهداف المشاريع السكنية المتوسطة، أو الوحدات المفروشة الموجهة للعائدين والسياح.
- التعاون مع شركات تطوير عقاري محلية ودولية لخفض التكاليف والمخاطر.
سوريا، بعد الثورة، ليست فقط بلدًا يتعافى… بل سوقًا ناشئًا قابلًا للنمو بوتيرة سريعة. الاستثمار في هذا التوقيت يتطلب وعيًا، صبرًا، واحترافًا – لكنه قد يكون من أنجح القرارات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط لعقد قادم.
هل تحتاج إلى توجيه في الاستثمار العقاري في سوريا؟
نحن في شركة “عقارات 24” نضع بين يديك خبرتنا الطويلة في السوق العقاري السوري لنساعدك في اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة وآمنة. سواء كنت مستثمرًا سوريًا أو غير سوري، نوفر لك:
- تحليلًا دقيقًا للفرص والمخاطر.
- ربطًا مباشرًا مع المشاريع الموثوقة والمطوّرين المعتمدين.
- دعمًا قانونيًا كاملاً لضمان سلامة عمليات الشراء أو التأجير.
- خدمات التقييم العقاري ودراسة الجدوى.
للاستشارة المجانية أو بدء خطتك الاستثمارية، تواصل معنا اليوم — عقارات 24، بوابتك الذكية إلى الاستثمار الآمن في سوريا.
Join The Discussion